ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة سافر إلى بصرى في تجارة لخديجة الفتية ومعه غلامها ميسرة يخدمه ويقوم بما عناه * ونزل تحت شجرة لدى صومعة نسطورا راهب النصرانية فعرفه إذ مال إليه ظلها الوارف وآواه * وقال ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ذو صفات تقية ورسول قد خصه الله بالفضائل وحباه * ثم قال لميسرة أفي عينيه حمرة استظهاراً للعلامة الخفية فأجابه بنعم فحق لديه ما ظنه وتوخاه * ثم قال لميسرة لا تفارقه وكن معه بصدق وعزم وحسن طوية فإنه ممن أكرمه الله تعالى بالنبوة واجتباه * ثم عاد إلى مكة فرأته خديجة مقبلاً وهي بين نسوة في علية وملكان على رأسه الشريف من ضح الشمس قد أظلاه * وأخبرها ميسرة بأنه رأى ذلك في السفر كله وبما قاله الراهب وأودعه إليه من الوصية وضاعف الله في تلك التجارة ربحها ونماه * فبان لخديجة بما رأت وما سمعت أنه رسول الله إلى البرية فَخَطَبَتْهُ لنفسها لتشمَّ من الإيمان به طِيب رَيَّاه * فَأَخبَرَ أَعمامهُ بما دَعتهُ إليه هذه البَرَّة ُالنقيَّة ، فَرغِبُوا فيها لِفَضْلٍ ودِينٍ وجَمالٍ ومال وحَسبٍ ونسب كُلُّ من القَومِ يَهوَاه * وخَطبَ أبو طالب وأثنى عليه صلى الله عليه وسلم بعد أن حَمِدَ الله بمحامِدَ سنيَّة ، وقال : وهُو والله بَعْدُ له نَبأ ٌعظيمٌ ، يُحمَدُ فيه سُرَاه * فزوَّجها منه عليه الصلاة والسلام أبُوها ، وقيل : عمُّها ، وقيل : أخوها لسابق سعادتها الأزليَّة ، وأوْلَدَها كُلَّ أولادِه إلاً الذي باسم الخليل سَمَّاه
عطَّر اللهم قَبْرَهُ الكَريم بعَرْفٍ شذِيٍّ مِن صَلاَةٍ و تَسلِيم
اللهم صلِّ و سلِّم و بارك عليه
ولمَّا بلغ صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة ًبَنَت قُريشٌ الكعبة لإنصِداعِهَا بالسُّيول الأبطحية ، وتَنَازَعُوا في رَفِع الحجر الأسود ، فكلٌّ أراد رَفعَهُ ورجاه * وعَظُمَ القِيلُ والقَالُ ، وتحالفُوا على القِتَال ، وقَوِيَتْ العصبية ثمَّ تداعوا إلى الإنصاف ، و فوَّضوا الأمر إلى ذِي رَأيٍ صَائِبٍ وأَنَاه ، فَحَكَم بتحكيم أَوَّلِ دَاخلٍ من باب السَّدنة الشَّيبيَّة ، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ دَاخلٍ ، فقالوا : هذا الأمين ، وكُلُّنا يقْبلهُ ويرْضَاه * وأخبروه بأنهم رَضُوه أن يكون صَاحِبَ الحُكْم في هذا المُلِمِّ وَوَليّه ، فوضع الحجر في ثَوبٍ ، ثم أَمَر أَن تَرفَعهُ القبائل جميعاً إلى مُرتَقاه * فَرَفعُوهُ إلى مَقَرّهِ من رُكنِ هاتيك البَنِيَّة ، ووضعه صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة في موضعه الآن وبَنَاه
عطَّر اللهم قَبْرَهُ الكَريم بعَرْفٍ شذِيٍّ مِن صَلاَةٍ و تَسلِيم
اللهم صلِّ و سلِّم و بارك عليه
ولمَّا كَمُل صلى الله عليه وسلم أربعون سَنة ًعلى أوفق الأقوال المروية ، بَعثَه الله تَعالى للعالمين بشيراً ونذيراً فَعَمّهم بِرُحْمَاه * وَبُدِىءَ إلى تمام ستة أشهر بالرؤيا الصادقة الجلية ، فكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءت مثل فَلَقِ صُبحٍ ضَاء سَناه * وإنما ابتُدىءَ بالرؤيا تمريناً للقُوى البشرية ، لئلا يَفْجَأَهُ المَلَكُ بِصَريحِ النُّبوةِ ، فلا تَقْواه قُوَاه * وَحُبِّبَ إليه الخَلاءُ ، فكان يَتَعَبَّدُ بحراءٍ الليالي
العدَدِية ، إلى أن أَتاهُ فيه صَرِيحُ الحقِّ ووَافَاه * وذلك في يوم الاثنين لسبعَ عشرة َخلت من شهر الليلة القَدرِية ، وثَمَّ أقوالٌ :لسبعٍ ، أو لأربع وعشرين منه ، أو لثمانٍ خلت من شهر مولده الذي بدا فيه بَدرُ مُحَيّاه * فقال له : اقرأ ، فأبى فَغَطَّهُ غطّةً قَويّةً، ثمّ قال له : اقرأ ، فأبى فَغطَّهُ ثانية حتى بلغ منه الجهد وغطاه ثم قال له اقرأ فأبى فغطه ثالثة ليتوجَّه إلى ما سَيُلْقى إليه بِجَمْعيه ، وَيُقَابلهُ بِجِدٍّ واجتهادٍ ويتلقاه * ثمَّ فَتَرَ الوحي ثلاث سنين ، أو ثلاثين شهراً ، ليشتاق إلى انتشاق هَاتِيكَ النَّفَحَاتِ الشَّذيَّة ، ثُمَّ أُنْزِلت عليه { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر } فجاءهُ جِبْريلُ بها ونَادَاه * فكان لنبوَّته في تقدُّم { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } شَاهِدٌ على أنَّ لها السابقيَّة ، والتَّقدُّم على رسالته بالبشارة والنَّذارَةِ لمن دَعاه
Baca Juga: Lirik Sholawat Addinulana Teks Arab dan Latin yang dibawakan Oleh hadroh Az Zahir Pekalongan
عطَّر اللهم قَبْرَهُ الكَريم بعَرْفٍ شذِيٍّ مِن صَلاَةٍ و تَسلِيم
اللهم صلِّ و سلِّم و بارك عليه
وأوَّلُ من آمن به من الرِّجال : أبو بكرٍ صَاحبُ الغَار والصِّدِّيقيَّة ، ومن الصِّبيان : عَليٌّ ، و من النِّساء : خديجة التي ثبَّت الله بها قَلبهُ وَوَقَاه * ومن الموالي : زيد ابن حارثة ، ومن الأرقَّاء : بِلاَلٌ الذي عَذبه في الله أُميَّة ، وأَولاَهُ مَولاهُ أبو بكر من العِتْقِ ما أولاه * ثمَّ أَسلَمَ : عُثمان ، وسَعدٌ ، وسَعيدٌ ، وطَلحة ٌ، وابن عَوفٍ ، وابن العمَّة صَفِيَّة ، وغيرهم ممن أَنْهلَهُ الصدِّيق رَحِيق التَّصديق وَسَقاه * وما زَالت عِبادتهُ صلى الله عليه وسلم وأصحابه مَخْفِيَّة حتَّى أُنزِلَ عليه { فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ } فَجَهَرَ بِدُعاء الخَلْقِ إلى الله * ولم يَبْعُدْ منه قَومهُ حتَّى عَابَ آلهتهم وأَمَرَ بِرَفضِ ما سِوى الوحدانيَّة ، فَتَجرَّؤُا على مُبَارزَتهِ بالعَدَاوةِ و أذاه * واشتدَّ البَلاءُ على المسلمين ، فهاجروا في سنة خمسٍ إلى النَّاحية النَّجاشيَّة ، وَحَدِبَ عليه عمُّه أبو طالب ، فَهَابَهُ كُلٌّ من القَومِ وتَحامَاه * وفُرِضَ عليه قيام بعض السَّاعات الليليَّة ، ثمَّ نُسِخَ بقوله تعالى : { فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } * وفُرِضَ عليه ركعتانِ بالغَداةِ وركعتانِ بالعَشِيَّة ، ثمَّ نُسِخ بإيجاب الصَّلوات الخَمْسِ في ليلةِ مَسْراه * ومات أبو طالب في نصف شوَّال من العاشرة وَعَظُمت بموته الرَّزيَّة ، وَتَلتهُ خديجة بعد ثلاثٍ ، وشدَّ البلاء على المسلمين وَثِيقَ عُراه ، وأَوقَعتْ قُريشٌ به صلى الله عليه وسلم كُلَّ أذيَّة ، وأَمَّ الطائف يَدْعُو ثَقِيفاً ، فلم يُحْسِنوا بالإجَابةِ قِرَاه * فأَغْروا به السُّفهاء والعَبيد فسبُّوهُ بألسنٍة بَذيَّة ، وَرَمَوَهُ بالحجارة حتَّى خُضِّبت بالدِّماء نَعْلاه * ثمَّ عاد إلى مكَّة حَزيناً ، فَسَألهُ مَلَكُ الجِبَال في إهلاك أهلها ذوي العَصَبيَّة ، فقال : ( إنِّي أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يَتَولاّه )
عطَّر اللهم قَبْرَهُ الكَريم بعَرْفٍ شذِيٍّ مِن صَلاَةٍ و تَسلِيم
اللهم صلِّ و سلِّم و بارك عليه
ثمَّ أُسريَ بِروحِه وجَسدهِ يَقظة ًمن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ورِحَابهِ القُدسيَّة ، وعُرِجَ به إلى السَّموات ، فرأى آدم في الأُولى وقد جَلَّلَهُ الوَقَارُ وعلاه * وفي الثانية عيسى ابن البَتُولِ البرَّةِ النَّقيَّة ، وابن خَالتِهِ يَحيى الذي أُوتيَ الحُكْمَ في صِباه * وفي الثالثة يوسف الصِّدِّيق بصورته الجماليَّة ، وفي الرَّابعة إدريس الذي رَفع الله مَكانهُ وأعلاه * وفي الخامسة هارون المُحَبَّبَ في الأُمَّةِ الإسرائيليَّة ، وفي السَّادسة مُوسى الذي كَلَّمهُ الله ونَاجَاه * وفي السَّابعة إبراهيم الذي جاء رَبَّهُ بسَلامةِ القلب وحُسْنِ الطَّويَّة ، وحَفِظَه الله من نار النَّمرُوذِ وعَافاه * ثم إلى سِدْرَةِ المُنْتَهى إلى أن سَمِعَ صَرِيفَ الأقْلامِ بِالأمور المَقْضِيَّة ، إلى مَقَامِ المُكافَحَةِ الذي قَرَّبهُ الله فيه وأدناه * وأَماطَ لَهُ حُجُبَ الأنْوارِ الجَلالِية ، و أَرَاهُ بِعَيْنَيْ رَأسِهِ من حَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّة ما أرَاه * وبَسَطَ له بسَاطَ الإدلال في المجَالي الذاتية ، وفَرَضَ عَليه وعلى أُمَّتِهِ خَمسينَ صلاة * ثمَّ انْهَلَّ سَحَابُ الفَضْلِ فَرُدَّتْ إلى خَمْسٍ عَمليَّة ، ولها أَجْرُ الخَمسين كَمَا شَاءهُ في الأزَلِ وقَضَاه * ثمَّ عَادَ في لَيْلَته وصَدَّقَهُ الصِّدِّيق بمسراه * وكُلُّ ذِي عَقْلٍ ورَويَّة ، وكَذبَتْهُ قُرَيْشٌ ، وارتَدَّ مَنْ أضَلّهُ الشَّيْطانُ وغْواه